يعد تشمع الكبد مرحلة متأخرة من مرض الكبد، فعندما يحل النسيج المتندب محل الخلايا السليمة، يتندب النسيج في محاولة من الجسم لشفاء المنطقة المتضررة؛ لكن تكمن المشكلة في أن ذلك يفقدها وظيفتها.
 |
| تشمع الكبد |
يتميز الكبد باحتوائه على خلايا ترميمية مذهلة التي عادة ما تبقى في حالة سكون حتي تطرأ إصابة ما على الجسم سواء بفعل الكحول أو النيكوتين بسبب التدخين أو المخدرات أو الأدوية أو تناول الأطعمة الضارة والزيوت المهدرجة والسكريات والكربوهيدرات المكررة خصوصا الفركتوز، بالإضافة إلي الڤيروسات.
تشمع الكبد
قد يصاب البعض بحالة مزمنة من التهاب الكبد أو قد يصابون بدهون الكبد التي تسبب الالتهاب، والالتهاب هو ما يحفز تلك الخلايا الترميمية، عندما تتعرض الخلايا الترميمية للتحفيز المستمر يدفعها لإنشاء نوع من الخلايا يطلق عليه الأرومة الليفية العضلية، وهي الخلايا التي تعمل على الجمع بين النسيج المتقلص والكولاجين، وهنا نفقد وظيفة الخلية الأصلية؛ لذا فإن تشمع الكبد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد إلي حد كبير.
تعريف تشمع الكبد
يعتبر تشمع الكبد cirrhosis هو المرحلة النهائية من مرض الكبد المزمن، حيث يحدث تليف لخلايا الكبد مع مرور الوقت بسبب التعرض لأمراض أو فيروسات تضر بالكبد، مما يسبب ندوب بالكبد، تُحدث هذه الندوب التهابات بالكبد؛ مما يجعل خلايا الكبد ترمم المناطق المصابة، ولكنها في نفس الوقت تفقد هذه المناطق وظيفتها ويحدث تليف الكبد الذي يؤدي إلى فشل في وظائف الكبد، لذلك يعتبر تشمع الكبد مرحلة متأخرة من التهاب الكبد.
تأثير تشمع الكبد على وظائف الجسم المختلفة
- يؤدي تشمع الكبد إلى نقص العصارة الصفراوية وبالتالي يؤثر على الهضم خاصة هضم الدهون؛ مثل الاوميجا ٣.
- يؤثر أيضًا على عملية التخلص من الكوليسترول والسموم، ويؤثر أيضًا على امتصاص ڤيتامين أ؛ إذ يختزن الكبد نسبة كبيرة من ڤيتامين أ، لذا فإن انعدام فعالية الكبد يؤدي إلى نقص ڤيتامين أ، وهذا يؤثر على النظر والجلد وأيضًا يؤثر على الجهاز المناعى.
- يؤثر كذلك على الحديد، لأن الكبد تقوم بتخزين الحديد، لذا فإن اختلال وظائفها قد يؤدي إلى الإصابة بفقر الدم الحاد أو أنه قد يسبب تراكم فائض الحديد في الجسم.
- يقوم الكبد بتخزين الغلايكوجين ( الجلوكوز المختزن ) لتعين الجسم على الصمود ليلًا بدون طعام، ولتساعده على الصمود حتى ميعاد الوجبة التالية.
- تحتاج بعض أجزاء الجسم إلى الغلايكوجين؛ وذلك لعدم قدرتها على الاعتماد على الكيتونات بشكل كلي؛ كعدسة العين، وبعض أجزاء الكلى والدماغ.
- يلعب الكبد دورًا في هضم الكربوهيدرات والبروتين والدهون، لذا فإن تضرر الكبد يؤثر على عملية الهضم.
- يؤثر أيضًا على عملية التخلص من السموم، وهو ما يجعلها تتراكم في الجسم؛ ويظهر آثار ذلك على الجلد وأماكن أخري في الجسم كالغدد الصماء.
- تنتج الكبد نسبة كبيرة من الكوليسترول ولكنها تتخلص منه بمساعدة العصارة الصفراوية؛ لذا يؤثر تضرر الكبد على عملية التخلص من الكوليسترول، فيتراكم فى الأنسجه ويسبب الأضرار.
- كما تعمل الكبد على التخلص من مسببات المرض؛وقد يؤدي اختلال قدرتها على ذلك للإصابة بعدوى جهازية.
- ينتج الكبد بروتينات الدم؛ فعند نقص نسبة البروتين فى الدم يتراكم السائل خارج الخلوي في الأنسجة على شكل انتفاخ أسفل الساقين، وتحتبس السوائل حول منطقة البطن بين الأنسجة فيما يطلق عليه (الاستسقاء البطني).
- يعد الكبد مسؤول عن تحول نسبة كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية من الحالة الغير نشطة T4 الي الحاله النشطة T3، في حالة تضرر الكبد فهذا يؤثر بشكر كبير على الغدة الدرقية، ويتبع ذلك سلسلة من أعراض اضطرابات الغدة الدرقية.
- تلعب الكبد دورًا مهمًا فى تفعيل فيتامين د والكلى أيضًا.
- يؤثر تضرر الكبد على صحة الكلى، عندما يتضرر أحدهما فإنه يؤثر على الاخر لأنهما يعملان معاً، ونظرًا لضرورة ڤيتامين د لصحة الجهاز المناعي، والتخلص من الألم وضبط ضغط الدم، فلكم أن تتخيلو كم العواقب المترتبة على اختلال تفعيل ڤيتامين د.
- كما يعادل الكبد نسب بعض الهرمونات كالاستروجين، والكورتيزول الذي يعتبر هرمون التوتر، لذا فإن تشمع الكبد يؤثر على ضبط نسب تلك الهرمونات ويؤدي لارتفاع الكورتيزول وارتفاع الاستروجين أيضا، وكذلك التستروستيرون يتأثر بشدة بتضرر الكبد؛ حيث تتراجع نسبته وهو ما يؤدي إلى ضعف الانتصاب عند الرجال.
- وظيفة أخرى للكبد، حيث يساهم في عملية تجلط الدم، يؤدي تشمع الكبد الي النزف بسهولة وظهور الكدمات بسهولة والبقع الحمراء والتورمات الدموية.
العلامات السبع التي تنبؤ عن تشمع الكبد
1- الاستسقاء البطني
ويكون على شكل تجويف ملئ بالسوائل حول البطن، وأغلب من يعاني بأمراض تليف الكبد أو غيرها من أمراض الكبد يظهر عليه هذه العلامة.
2- البول الداكن
إذ أن إحدى وظائف الكبد إعادة تدوير كريات الدم الحمراء ونواتجها، وعند تعطل هذه الوظيفة يصبح لون البول داكنًا، وذلك لترسب كرات الدم الحمراء بالبول، لهذا نلاحظ في بعض الأحيان خروج دم لمصابي أمراض الكبد مع البول.
3- اليرقان
وهو تصبغ بياض العين باللون الأصفر، وتحول لون الجلد للون الأصفر؛ وذلك بسبب تراكم بعض العناصر في الدم والجلد، وذلك لارتباط الكبد بنظام القلب والأوعية الدموية، وأيضًا لفشل الكبد في التخلص من مادة البيليروبين الناتجة من انحلال الدم.
4- تقلبات فى المزاج والشخصية
تشمع الكبد يؤثر على تفكك الأمونيوم ويؤدي إلى تراكمه وصولًا إلى الدماغ، فيؤثر ذلك على النواقل العصبية، وقد تصل خطورته حد الدخول في غيبوبة، وحدوث التهاب في الدماغ بسبب الأمونيوم، والعلاج المعتمد في هذه الحالة هو اللاكتيلوز؛ حيث يعمل علي تحويل الأمونيوم إلي أمونيا التي تعد أقل سميه للدماغ.
5- الإجهاد والشعور بالتعب
يشعر مريض الكبد دائمًا بالإجهاد من أقل مجهود، ويكون الشخص المصاب بمرض تشمع الكبد دائم النعاس وكثير النوم، مهما زادت ساعات النوم، ويرجع ذلك لتضرر مركز الحيوية في الجسم.
6- الشعور المزمن ببعض الشد في الجزء الأيمن أعلى البطن
يشعر المريض بتليف الكبد أو التهاب الكبد بشدة في الجزء الأيمن من البطن حيث يتواجد الكبد في هذا المكان، وقد يمتد الشعور بالشد حتي الكتف اليمني.
7- ارتفاع حرارة القدمين والشعور بحكة فيها.
في بعض الأحيان، ترتفع درجة حرارة القدمين لدى مريض الكبد، وقد يشعر بحكة فيهما، فعند تكرار هذه العلامة، عليك الذهاب إلى الطبيب وعمل التحاليل اللازمة، فمن الممكن أنها بسبب تشمع الكبد.
علاج تشمع الكبد والتعامل مع أعراضه
يكمن علاج مرض تشمع الكبد في أكثر من خطوة، وكما ذكرنا يعد تشمع الكبد أو تليفه من المراحل المتأخرة لفشل الكبد، حيث أن أعراض تشمع الكبد تأتي على فترات طويلة، وعند ظهور هذه الأعراض كلها أو بعضها، علينا بإتباع الطرق التالية التي تساعد في علاج تليف الكبد.
1- ايقاف السبب الجذري للمشكلة
يعتبر التوقف عن سبب تدهور حالة الكبد هو الخطوة الأهم في علاج تشمع الكبد، سواء كان السبب سوء النظام الغذائى مثل كثرة تناول الأطعمة الضارة والاطعمة المقلية والكربوهيدرات، شرب الكحوليات أو التدخين و تعاطي المخدرات، وأيضًا التعرض لحالات زيادة الحديد "فائض الحديد"، أو إصابة الكبد بأمراض المناعة الذاتية، أو الإصابة بفيروس الكبد الوبائي C أو B، كلها مسببات لأمراض التهاب الكبد ومن ثم تشمع الكبد مع مرور الوقت، يجب علاج هذه الأسباب حتى نتجنب تليف خلايا الكبد.
2- تناول الخضار الكرنبية
يتراكم الاستروجين لدى المصابين بتشمع الكبد، فلا يستطيع الجسم التخلص من هذه الكمية الهائلة، وهذا يجعلهم بحاجة إلى من يعزز ويحفز الإنزيمات المسؤولة عن التخلص من فائض الاستروجين؛ هنا تقوم الخضار الكرنبية كالفجل والكرنب والبروكلي بهذا الدور لإحتوائه على الكثير من المغذيات النباتية.
3- تودكا TUDCa
هو مركب يستخدم في علاج أمراض الكبد، عبارة عن نوع خاص من املاح الصفراء المفيدة جدًا لصحة الكبد، وتُظهر بعض الدراسات الهامة تحسنًا هائلًا لمن يستخدمونها في حالات تشمع وتشحم الكبد، وفي الحد من انزيمات الكبد، لأنها تفسح المجال لتدفق العصارة عبر الكبد، وتمنح المريض شعورًا كبيرًا بالارتياح من الأعراض التي كان يعاني منها.
4- اتباع حمية الكيتو
لعل من أهم علاجات أمراض الكبد وغيرها هي اتباع حمية الكيتو أو كيتو دايت، فهو نظام غذائي صحي يساعد في معالجة العديد من الأمراض المزمنة منها تشمع الكبد، ويقوم هذا النظام على استخدام الجسم الكيتونات كمصدر للطاقة بدلًا من السكر، ويكون ذلك باستبعاد السكريات والكربوهيدرات من الوجبات والاعتماد بشكل أكبر على الخضروات والفاكهة، ويتم ذلك بشكل تدريجي للاستفادة من الحمية.
5- التوكوترينول
هي مركبات طبيعية تستخلص من بعض البذور النباتية والمكسرات، وهو أحد مشتقات ڤيتامين E، له دور مهم جدًا في تفكك النسيج المتليف أو المتندب. ينبغي على مرضى الكبد تناول هذا المركب حتى تتحسن حالة الكبد، وتجنب تدمير الخلايا الترميمية.
6- الصيام
سواء كان صيامًا متقطعًا أو صيامًا مطولًا بشكل دوري والذي يدوم ل ٤٨ أو ٧٢ ساعة مثلًا، كلاهما لهما فوائد عديدة، حيث يحفز الصيام عملية الالتهام الذاتي للبروتين المتضرر في الجسم، مما يساهم في علاج تشمع الكبد.
في النهاية، يجدر بنا ذكر أنه لا يوجد أدوية لعلاج حالات تشمع الكبد، ينتظر المصابون بهذا المرض اللعين وفق قوائم لزراعة الكبد، فما قدمناه سابقًا يمكن أن يحد فقط من المضاعفات ويمنحهم الوقت ويعينهم فقط على الانتظار حتي يحين دورهم، فاللهم نسألك العافية ودوام العافية.