نقترح لك

مقال عن ثقافة الاعتذار | كيفية الاعتذار لشخص جرحته

ثقافة الاعتذار ثقافة إنسانية عالمية تشجع عليها جميع الثقافات، وتحث عليها كل الأديان لما لها من آثار إيجابية عظيمة على الفرد والمجتمع، وتقوية الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وتحسين العلاقات الإنسانية بين الناس، من هنا نقدم مقال شامل عن ثقافة الاعتذار و كيفية الاعتذار لشخص جرحته.

 
مقال شامل عن ثقافة الاعتذار
ثقافة الاعتذار

ثقافة الاعتذار

كلمة "آسف" أو "عذرًا" أو "معذرةً" وغيرها من كلمات الاعتذار والأسف، تحمل هذه الكلمات بداخلها دواء لعلاقات على شفا الانهيار، حيث ترمم ما تركته كلماتنا التي نطقنا بها في أوقات الغضب أو المزاح من آثار سلبية اتجاه الآخرين، فلا تستهين أخي بأثر تلك الكلمات على العلاقات الإنسانية، ومدى تأثيرها على النفس البشرية.

  • الاعتذار ثقافة رفيعة تنم عن شخصية واثقة بنفسها ومسئولة، في حياتنا اليومية نتعرض للكثير من المواقف التي تؤذي علاقتنا مع الناس سواء كانت تربطنا بهم علاقة ما أو لا، ولا نجد سوى ثقافة الاعتذار لحل هذه المشاكل والمواقف التي قد تتراكم وتفسد ما كان من ود وحب بين الطرفين.
  • الاعتذار للآخر هو فن لا يمتلكه سواء الشخص السوي النبيل، الذي استطاع أن ينتصر على شيطانه ويكسر كبرياء نفسه لإصلاح أي كسر في علاقته مع من حوله.

ويقول المدرب والمحاضر المعتمد عادل المرزوقي عن الاعتذار 

أن كلمات الاعتذار تشبه مرهم شفاء، فهي دواء للعلاقات الإنسانية وجبر للخواطر

فن الاعتذار 

يأتي مفهوم فن الاعتذار من أن للاعتذار الصحيح طرق وأساليب تجعله مقبولًا لدى الطرف الآخر، وهناك شروط لابد من توافرها حتى تقنع من أمامك باعتذارك، ومحو أى تعكير حدث في العلاقة بينكما، ومن هذه الشروط القيام بالاعتذار في أسرع وقت، تجنب تبرير الخطأ، الصدق، عدم التكلف، وأخيرًا اختيار الوقت المناسب.

أحيانًا، نرى البعض يقوم بالاعتذار وتكون النية صادقة، لكن لا يمتلك كيفية الاعتذار أو الأسلوب أو الطريقة التي يقدم بها اعتذاره، مما يزيد الأمر سوءًا، وهذا يرجع لجهل الكثير بفن الاعتذار وكيف تعتذر لشخص جرحته.

للتعرف على أفضل خطوات تساعدك على الاعتذار بلباقة وذكاء لشخص أخطئت في حقه، نقترح عليك قراءة هذا المقال: كيفية الاعتذار بلباقة وذكاء | فن الاعتذار 

ثقافة الاعتذار في الإسلام

حث دين الإسلام على خلق الاعتذار سواء ما جاء في القرآن والسنة المحمدية، ومن تعامل الصحابه الكرام رضوان الله عليهم بهذا الخلق من أخلاق الإسلام، ولا أحد ينسى موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصحابي سواد بن غزية رضي الله عنه، حينما كان الرسول يسوي الصفوف في معركة الفرقان، فضرب سواد فأوجعه، وقتها تألم سواد وطلب القود أى القصاص، فما كان من القائد إلا أن كشف عن بطنه ليقتص سواد منه، ومن ثم يعتذر له الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، أي عظمة هذه؟!.

الاعتذار خلق إسلامي

يعد اعتذار الإنسان المذنب مع اعترافه بالخطأ من الآداب الإسلامية التي علمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم خلال التعامل مع الناس، حيث يعتبر اعتذار الإنسان المخطئ واعترافه بخطئه فضيلة أوصى بها ديننا الحنيف، فهو يقي المسلم من الكبر والمكابرة والإصرار على الخطأ اتجاه الآخرين، يحث الإسلام من خلال القرآن والسنة النبوية على خلق الاعتذار والرجوع والتوبة.

تعتبر ثقافة الاعتذار وجه من أوجه الثقافة الإسلامية التي تحمي المجتمع الإسلامي من سوء الظن والتباغض بين أفراده، وإلقاء التهم بدون وجه حق، وسيطرة الحقد والحسد والعديد من أفعال الشر، فلا تستهين أخي بالاعتذار وآثاره على الفرد والمجتمع ككل.

آثار ثقافة الاعتذار على المجتمعات الإسلامية

ينعكس خلق الاعتذار على الإنسان والمجتمع إيجابيًا بشكل كبير، فهو يجعل الفرد أقوى بانتصاره على الشيطان وكبح غرور وكبرياء النفس وتربيتها على ما جاء من تعاليم الإسلام، ويؤثر على المجتمع الإسلامي من خلال نشر الود والمحبة بين أفراد المجتمع وانتشار الأخلاق الحميدة مثل التسامح والتواضع مما يخلق حالة من المرونة في التعاملات بين الناس، بحيث أنه يقفل الباب أمام وساوس الشيطان وإبعاد الكراهية والضغينة بين الطرفين، ويجب ثقافة الاعتذار الكثير من سوء الظن وينقي القلوب.

وقد جاءت الأحاديث النبوية تشجع على خلق الاعتذار، فمنها قول النبى صلى الله عليه وسلم: (إيَّاك وكلَّ ما يُعتذَرُ منه)، فالاعتذار من الأخلاق ولكن من الاجدر أن يتوخى المسلم الوقوع في موقف يجعله مجبراً على الاعتذار، وقوله أيضًا صلى الله عليه وسلم: (كلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخطَّائينَ التوَّابونَ)، التوبة و الاعتراف بالخطأ و الإنابة و محاولة إصلاح ما أفسده الإنسان كل هذا يتلخص في مصطلح الاعتذار الذي علينا اكتسابه واتقانه و العمل به.

الاعتذار في القرآن

وقد جاء الاعتذار في القرآن الكريم في مواطن عدة، وهناك العديد من الآيات التي ذُكِر فيها الاعتذار، ويوضح الله في كتابه الكريم أن النفس البشرية جُبِلت على الخطأ سواء كان في حق الله أو الناس. وعلى ذلك، يلزم على الإنسان التوبة والإنابة والاعتذار لله، فعندها يستغفر ويتوب وهذا هو أعلى درجات الاعتذار، حيث يقول سبحانه وتعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". وكما أن الله هو يقبل التوبة من عباده ويغفر الذنب، علينا أيضًا قبول الاعتذار والعفو والصفح عن المعتذر؛ حتى يقطع حبال الخصومة ومنع تطورها إلى حالة من الجفاء، والحفاظ على روابط المودة والألفة بين الطرفين.

الاعتذار في علم النفس

نتعرض يوميًا لمواقف قد نخطئ فيها، ومن ثم يتوجب علينا الاعتذار ولكن تكبر النفس يحول بيننا وبين الاعتذار للآخر، وهنا ينصح أطباء علم النفس بالاعتذار وعدم كتمان إبداءه، لأن الاعتذار مفيد للشخص المخطئ ويريحه نفسيًا.

ويشير الدكتور أمجد العجرودي استشاري أمراض نفسية إلى أن كل الناس تخطئ والكثير يشعر بالندم، وهذه في حد ذاتها ظاهرة صحية فالندم واللوم بعد ارتكاب الأخطاء هي صفة صحية، ولكن تكمن الصعوبة في قيام الشخص بالاعتذار للشخص الذي أخطئ في حقه، فهذا يحتاج إلى شخصية شجاعة وعقلية قوية ذات نفسية سوية.

الاعتذار يفيد الحالة النفسية بشكل كبير للمعتذر، حيث يحسن من مزاجه، ويرفع من عليه الضغط النفسي الذي ينتج من الشعور بالذنب.

في النهاية، اتمنى أن قد وفقت لسرد كل ما يتعلق بثقافة الاعتذار التي تغيب عن مجتمعاتنا العربية، على الرغم من أن ديننا ونبينا قد أوصوا بهذه الثقافة وهذا الخلق الرفيع، بعد الإطلاع على هذا المقال، ستعرف الكثير عن ثقافة الاعتذار وكيفية الاعتذار لشخص جرحته.



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-